بل أشهر من رحيله عشية اندلاع الحرب العالمية الثانية، وكان بدأ يختبرمعنى الرحيل، كتب رابندرانات طاغور رسالة طويلة عنوانها “أزمة الحضارة” رثى فيها العالم المقبل على مأساة رهيبة قائلاً فيها:”أرى كومة أنقاض حضارة مزهوة بنفسها تتراكم، مثل نفايات التاريخ، ومع ذلك لن أرتكب الخطيئة الخطيرة بفقد الإيمان بالإنسان، وقبول هزيمته الحالية كهزيمة أخيرة”. رحل طاغور في السابع من مايو (أيار) 1941 عن ثمانين سنة، في كلكوتا التي ولد فيها في السابع من أغسطس (آب) عام 1861، أغمض عينيه في حال من القلق والخوف على البشرية التي دعاها إلى التوجه نحو مستقبل أفضل، وعلى الهند التي ناضل كثيراً ضد تقسيمها، ومن أجل ازدهارها وتخطيها العوائق التي طالما واجهتها. لكن طاغور ما كان ليتخيل المصير المأسوي الذي تتخبط فيه بلاده اليوم جراء وباء كورونا الذي يجتاح أرجاءها، حاصداً الضحايا ألوفاً وملايين، وناشراً الرعب والخراب في المدن والضواحي والأحياء.

تحل هذا الشهر الذكرى الثمانون لرحيل طاغور وبعد ثلاثة أشهر في أغسطس، تحل الذكرى المئة والستون لولادته، لكن الهند التي تجل حكيمها وشاعرها الذي حمل روحها في وجدانه، لن تتمكن من الاحتفال بهاتين الذكريين اللتين توافقتا زمنياً هذه السنة. وقد لا يحلو لطاغور نفسه الذي لم تفارق روحه سماء الهند وأمداءها الرحبة، أن يكرمه أهله، بينما الجائحة تعصف حاملة معها أرواح الناس وأمانيهم.

By admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *